بعد الجراحة، وخاصة الإجراءات التي تنطوي على الصدر أو البطن أو الرئتين، يعاني العديد من المرضى من بطء تعافي وظائف الرئة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات مثل الالتهاب الرئوي أو ضيق في التنفس، مما يؤدي إلى تمديد فترة الإقامة في المستشفى. غالبًا ما يوصى بمقاييس التنفس التحفيزية، وهي أجهزة بسيطة توجه التنفس العميق، لتسريع هذه العملية. ولكن إذا تم استخدامها بشكل غير صحيح، فإنها قد لا تساعد. إذًا، لماذا تتأخر عملية تعافي الرئة بعد العملية، وكيف يمكنك استخدام مقياس التنفس التحفيزي بالطريقة الصحيحة لإحداث فرق؟
Content
يتباطأ تعافي الرئة بعد العملية لثلاثة أسباب رئيسية، وكلها مرتبطة بكيفية تأثير الجراحة على عادات التنفس:
أولاً، يحد الألم من التنفس العميق. بعد الجراحة - خاصة إجراءات الصدر أو البطن - يمكن أن يؤدي أخذ نفس كامل إلى تمدد الشقوق والتسبب في عدم الراحة. يأخذ المرضى أنفاسًا سطحية بشكل طبيعي لتجنب الألم، ولكن هذا يعني أن الهواء لا يصل إلى الأكياس الهوائية الصغيرة (الحويصلات الهوائية) في الرئتين. مع مرور الوقت، يمكن أن تنهار هذه الأكياس (حالة تسمى الانخماص)، مما يقلل من قدرة الرئتين على تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون.
ثانياً، يؤثر التخدير على وظيفة الرئة. يعمل التخدير العام على إرخاء العضلات التي تساعد على التنفس، بما في ذلك الحجاب الحاجز. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ترك الرئتين مفرغتين جزئيًا بعد الجراحة، وتستغرق هذه العضلات وقتًا حتى تستعيد قوتها.
ثالثًا، يلعب انخفاض القدرة على الحركة دورًا. يبقى العديد من المرضى بعد العملية في السرير لفترة أطول، مما يحد من مدى قدرتهم على السعال أو تغيير وضعياتهم. يساعد السعال على إزالة المخاط من الرئتين. وبدون ذلك، يتراكم المخاط، مما يزيد من خطر العدوى ويبطئ عملية الشفاء.
هذه العوامل مجتمعة تجعل من الصعب على الرئتين العودة إلى قدرتها قبل الجراحة، وهنا يأتي دور مقاييس التنفس التحفيزية.
ان مقياس التنفس الحافز لا "يشفي" الرئتين مباشرة، لكنه يدرب المرضى على التنفس بطريقة تعكس مشاكل التنفس بعد العملية. وإليك كيف يعمل:
يحتوي الجهاز على أنبوب شفاف به كرة عائمة أو علامة وقطعة فم. عندما تستنشق من خلال قطعة الفم، فإن الهواء الذي تتنفسه يرفع العلامة. الهدف هو رفع العلامة إلى مستوى معين (يحدده مقدم الرعاية الصحية) والاحتفاظ بها هناك لبضع ثوان.
يجبرك هذا الإجراء على أخذ نفس بطيء وعميق، وهو نفس أعمق بكثير من الأنفاس الضحلة التي قد تأخذها بسبب الألم. يؤدي الاستنشاق العميق إلى توسيع الرئتين بشكل كامل، وإعادة فتح الحويصلات الهوائية المنهارة وتحسين تدفق الأكسجين إلى مجرى الدم. إن حبس النفس يسمح بامتصاص الأكسجين إلى الرئتين بشكل أكثر فعالية، مما يعزز وظيفة الرئة بشكل عام.
كما أن الاستخدام المنتظم يقوي الحجاب الحاجز وعضلات التنفس الأخرى، التي تضعف بعد الجراحة أو التخدير. وبمرور الوقت، يسهل ذلك السعال وإزالة المخاط والتنفس بشكل طبيعي مرة أخرى، مما يقلل من خطر حدوث مضاعفات مثل الالتهاب الرئوي بنسبة تصل إلى 40%، وفقًا لدراسات الرعاية اللاحقة للعمليات الجراحية.
حتى مع التصميم البسيط، يستخدم العديد من المرضى مقاييس التنفس التحفيزية بشكل غير صحيح، مما يعني أنهم لا يحصلون على الفائدة الكاملة. ومن أهم الأخطاء التي يجب تجنبها ما يلي:
الاستنشاق بسرعة كبيرة: يؤدي الإسراع في التنفس إلى رفع العلامة بسرعة ولكنه لا يسمح للرئتين بالتوسع بشكل كامل. الهدف هو الاستنشاق البطيء والثابت (مثل شم زهرة)، وليس الشهيق السريع.
عدم حبس النفس: بعد رفع قلم التحديد، عليك حبسه لمدة 3-5 ثوانٍ. تخطي هذه الخطوة يعني أن الحويصلات الهوائية لا تحصل على الوقت الكافي لإعادة فتحها وامتصاص الأكسجين.
استخدام الوضعية الخاطئة: إن التراخي أو الاستلقاء على ظهرك يحد من توسع الرئة. يجب أن تجلس بشكل مستقيم (أو تميل قليلاً إلى الأمام) لتمنح رئتيك مساحة لتملأها.
نسيان السعال بعد الاستخدام: يعمل مقياس التنفس على تخفيف المخاط الموجود في الرئتين، ويساعد السعال بلطف بعد كل جلسة على إزالة المخاط، مما يمنع تراكمه.
تخطي الجلسات: يوصي مقدمو الرعاية الصحية عادةً باستخدام الجهاز 10-15 مرة كل ساعة أثناء الاستيقاظ. يؤدي تفويت الجلسات إلى إبطاء التقدم، حيث إن الاتساق هو المفتاح لإعادة فتح الرئتين.
اتبع هذه الخطوات الست البسيطة لاستخدام مقياس التنفس التحفيزي بشكل فعال، كما أوصى به معالجو الجهاز التنفسي:
قم بإعداد الجهاز: اضبط المستوى المستهدف للعلامة (سيخبرك طبيبك أو ممرضتك بالمستوى المناسب لك - ابدأ بمستوى أقل إذا كنت تشعر بالألم، ثم ارفعه كلما أصبحت أقوى). اجلس بشكل مستقيم على الكرسي أو السرير، مع وضع قدميك بشكل مسطح على الأرض.
الاسترخاء والزفير: خذ نفسًا طبيعيًا، ثم قم بالزفير بالكامل لتفريغ رئتيك، وهذا يمنحك بداية جديدة للاستنشاق العميق.
أغلق قطعة الفم: ضع قطعة الفم في فمك وأغلق شفتيك بإحكام حولها. لا تتنفس من خلال أنفك، استخدم يدك لإغلاق أنفك إذا لزم الأمر.
استنشق ببطء وثبات: قم بالشهيق من خلال قطعة الفم بوتيرة بطيئة ومتساوية. راقب ارتفاع العلامة - اهدف إلى رفعها إلى المستوى المستهدف، وليس أعلى (إجبارها يمكن أن يسبب الدوخة).
احبس أنفاسك: بمجرد وصول العلامة إلى الهدف، احبس أنفاسك لمدة 3-5 ثواني. هذه هي الخطوة الأكثر أهمية لتوسيع الرئتين.
قم بالزفير والسعال بلطف: قم بالزفير ببطء من خلال فمك (أزل قطعة الفم أولاً)، ثم خذ نفسين طبيعيين. انتهي بسعال لطيف لإزالة أي مخاط سائب.
كرر هذه العملية 10-15 مرة، ثم استرح لمدة 5 دقائق. افعل ذلك كل ساعة عندما تكون مستيقظًا، أو حسب توجيهات فريق الرعاية الصحية الخاص بك.
يعتمد التكرار على نوع الجراحة التي أجريتها ومدى تعافيك، ولكن يوصي معظم مقدمي الرعاية الصحية بجدول زمني واضح:
أول 24-48 ساعة بعد العملية: استخدمه 10-15 مرة كل ساعة أثناء الاستيقاظ. يحدث هذا عندما يكون خطر انهيار الحويصلات الهوائية في أعلى مستوياته، لذا فإن الاستخدام المتكرر أمر بالغ الأهمية.
الأيام 3-7 بعد العملية: مع تخفيف الألم وتحسن التنفس، يمكنك تقليل عدد المرات إلى 8-10 مرات في الساعة. إذا كان بإمكانك التجول، فاستخدم مقياس التنفس قبل المشي وبعده لدعم وظيفة الرئة.
بعد الخروج (في المنزل): استمر في استخدامه 5-8 مرات في الساعة أثناء ممارسة الأنشطة مثل القراءة أو مشاهدة التلفزيون. استمر في استخدامه حتى موعد المتابعة الخاص بك، حيث سيتحقق طبيبك مما إذا كانت وظيفة الرئة لديك قد عادت إلى وضعها الطبيعي.
من المهم عدم المبالغة في ذلك - إذا كان استخدام مقياس التنفس يسبب ألمًا شديدًا، توقف وأخبر الممرضة. قد يقومون بتعديل دواء الألم الخاص بك أو مستوى العلامة المستهدفة لجعله أكثر راحة.
تعتبر مقاييس التنفس التحفيزية آمنة بالنسبة لمعظم المرضى بعد العملية، ولكن هناك بعض الحالات التي قد لا يوصى باستخدامها أو تحتاج إلى تعديلات:
المرضى الذين يعانون من مرض رئوي حاد: إذا كنت تعاني من حالات مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن المتقدم أو التليف الكيسي، فقد يحدد طبيبك مستوى مستهدفًا أقل لتجنب إجهاد رئتيك. في بعض الحالات، قد يوصون بجهاز تنفس مختلف.
المرضى الذين خضعوا لجراحة عيون حديثة: الاستنشاق العميق يمكن أن يزيد الضغط في العين (ضغط العين). إذا خضعت لعملية جراحية في العين (مثل جراحة إعتام عدسة العين أو الجلوكوما)، فمن المرجح أن ينتظر طبيبك من أسبوع إلى أسبوعين قبل أن يسمح لك باستخدام مقياس التنفس.
المرضى الذين لا يستطيعون اتباع التعليمات: قد لا يستخدم الأشخاص الذين يعانون من الارتباك (بسبب الدواء أو المرض) الجهاز بشكل صحيح. في هذه الحالات، يمكن للممرضة أو أحد أفراد الأسرة المساعدة في توجيههم خلال كل خطوة.
ومع ذلك، بالنسبة لمعظم المرضى، تعد مقاييس التنفس التحفيزية أداة منخفضة المخاطر وعالية الفائدة - ولا حاجة إلى تدريب خاص، كما أنها سهلة الاستخدام بجانب السرير أو في المنزل.
ستلاحظ علامات صغيرة تشير إلى أن مقياس التنفس يساعد في غضون أيام قليلة، وسيقوم طبيبك بتأكيد التقدم من خلال فحوصات المتابعة:
ضيق أقل في التنفس: ستجد أنه من الأسهل التحدث أو المشي إلى الحمام أو الجلوس دون الشعور بالإرهاق.
تحكم أفضل في السعال: سيكون من الأسهل إزالة المخاط، وسوف تسعل بشكل أقل (نظرًا لانخفاض تراكم المخاط).
تحسين مستويات العلامة: بمرور الوقت، ستتمكن من رفع العلامة إلى مستويات أعلى (أو الاحتفاظ بها لفترة أطول) دون ألم - وهذا يعني أن سعة الرئة لديك تتزايد.
فحوصات الطبيب: أثناء متابعتك، قد يستخدم طبيبك مقياس التأكسج النبضي (للتحقق من مستويات الأكسجين) أو اختبار قياس التنفس (لقياس سعة الرئة) لتأكيد التحسن. يلاحظ معظم المرضى زيادة بنسبة 20-30% في وظائف الرئة خلال أسبوع إلى أسبوعين من الاستخدام المستمر.
ليس من الضروري أن يكون التعافي البطيء للرئة بعد العملية أمرًا مسلمًا به - فمع الاستخدام الصحيح لمقياس التنفس التحفيزي، يمكنك تسريع عملية الشفاء وتقليل المضاعفات. المفتاح هو اتباع الطريقة خطوة بخطوة، واستخدامها باستمرار، وتجنب الأخطاء الشائعة مثل الاستنشاق السريع أو تخطي الجلسات. بالنسبة لمعظم المرضى، يعد هذا الجهاز البسيط بمثابة تغيير جذري في قواعد اللعبة، حيث يحول عملية التعافي المحبطة إلى عملية أكثر قابلية للإدارة.
للحصول على صفقات حصرية وأحدث العروض، قم بالتسجيل عن طريق إدخال عنوان بريدك الإلكتروني أدناه.